فَهُوَ مِنْ نِهَايَة الْمُقَاطَعَة وَالتَّدَابُر ، وَهَذَا غَايَة مَا يَوَدّهُ الْمُسْلِم لِلْكَافِرِ ، وَيَدْعُو عَلَيْهِ ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح: ( لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ) لأَنَّ الْقَاتِل يَقْطَعهُ عَنْ مَنَافِع الدُّنْيَا ، وَهَذَا يَقْطَعهُ عَنْ نَعِيم الآخِرَة وَرَحْمَة اللَّه تَعَالَى. وَقِيلَ: مَعْنَى ( لَعْن الْمُؤْمِن كَقَتْلِهِ) فِي الإِثْم ، وَهَذَا أَظْهَر " انتهى. ثالثا: ما جاء في النصوص من لعن بعض أهل المعاصي كلعن السارق وشارب الخمر وآكل الربا ، محمول عند جمهور أهل العلم على غير المعيّن ، وأما المعين فلا يجوز لعنه ؛ للأحاديث في النهي عن اللعن ، ولما في ذلك من السب والأذى وما قد يؤدي إليه من التقنيط من رحمة الله. ومن ذلك الحديث المسئول عنه ، وقد رواه الطبراني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( يكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات) حسنه الألباني في "الثمر المستطاب" (1/317) و "جلباب المرأة المسلمة" ( ص 125). فهذا محمول على اللعن العام كما سبق. فينبغي أن تواصل النصح لأخيك ، حتى يترك هذا العمل ؛ لأنه إن لم يكن محرما ، كما هو قول الجمهور ، فأقل أحواله أنه يكون مشتبها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ) رواه البخاري (52) ومسلم (1599) واللفظ له.
الخطبة الأولى: الحمد لله... عباد الله: من مساوئ آخر الزمان التعلق بالدنيا بشدة مما يؤدي هذا إلى الغفلة عن عبادة الله ونسيان الآخرة، قال أبو حازم-رحمه الله-: " نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب، وإذا متنا تبنا ". وقال إبراهيم بن فضيل: " لو قيل لصِفوان بن سُليمٍ: غداً القيامة، ما زاد على عمله شيئاً "، -لله دره- لأنه كان دائماً مستعداً إلى لقاء الله-عز وجل-. أما نحن لو قيل لنا: غداً سنموت ماذا سنفعل؟! عباد الله: قال تعالى: ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) [الحديد: 20]، شبَّه الله الدنيا بلعبة الطفل يبكي على أبيه كي يشتريها له ثم يلعب بها قليلاً ثم يمل منها فيرميها. وقوله: ( وَزِينَةٌ) أي: يتزينون الناس بالمطاعم والمشارب والملابس، فأصبح الطعام تذوقه العيون قبل أن تذوقه البطون بسبب نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبرَ الإنترنت مباهاةً للزينة والتفاخر. وقوله: ( وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) أي: يتمنى كل واحد من الناس أن يكون أكثرَ مالاً من هذا وأكثرَ ولداً من هذا، قيل: " اثنان لا يشبعان؛ طالبُ علمٍ وطالبُ مال ".
*السؤال التاسع: ما معنى العنوهن فإنّهن ملعونات، وهل يجوز لي أن ألعن الكاسيات العاريات في الشارع ؟* الجواب: *أحد الإخوان قال لعنت إمرأة فخلعت حذائها وجائتني متوجهة لي. * والله المستعان. *أولاً:* العنوهن فإنهن ملعونات هذه زيادة عند ابن حبان، والصحيح أنها ثابتة و الحديث أصله في صحيح مسلم، *ومسلم ما ذكر رواية العنوهن بل ذكرها الإمام ابن حبان في صحيحه وهي ثابتة. * *ثانيا:* أن تلعن المتبرجة حتى تحصن نفسك من شرها، وحتى تتذكر أنها ملعونة، وحتى لا تغريك ولا تضلك ، فأنت تلعنها حتى أنت تحصن نفسك. فإذا غلب على ظنك أن لعنها يولد لك منكرا فلا يلزم من وجود الضرر باللعن أن تترك اللعن، *تلعنها في نفسك حتى تحصن نفسك من شرها. * *ثالثاً:* هل اللعن لهذه المرأة على التعيين أم يكون اللعن بمعنى أن تلعن جنس المتبرجات؟ *اللعن على التعيين بمعنى أن تخرجها من رحمة الله و أن تقرر أنها في النار أو أنها بعيدة عن رحمة الله فهذا الأمر ليس إليك، فالقلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن وليس لأحد أن يقرر ذلك. * وأما بمعنى الدعاء عليها، فيجوز أن تدعو على من ارتكب معصية، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ: " اذْهَبْ فَاصْبِرْ ".