وفي وقت سابق اعتبر رجال أعمال سعوديون سياسات بن سلمان بأنّها تتّسم بالعدالة لضمانها فرص عمل للسعوديين ، لكن الواقع يسرد حقائق مغايرة تماماً حيث تجني الشريحة الكبرى من العمال الأجانب ما لا يزيد عن 1500 ريال "أي نحو 400 دولار شهرياً" وهو الأجر الذي لن يقبل به أيّ مواطن سعودي.
السوريون واليمنيون الأكثر تضرراً يستحيل على السوريين واليمنيين المقيمين في المملكة تجديد إقامتهم بسبب تراكم الرسوم الواجب دفعها على مرافقيهم وأجورهم التي لا تتجاوز في كثير من الأحيان 3500 ريال شهرياً (أي 933. 33 دولارا)، فهم واقعون بين مطرقة سداد الرسوم وتغطية احتياجات أسرهم وسندان العودة إلى الوطن الذي مزَّقته الحرب. وعدم قدرة هؤلاء على تجديد إقامتهم سيحرمهم ويحرم أبناءهم من خدمات الصحة والتعليم، وكذا من حق السفر ومغادرة المملكة، لذلك تحوَّلت تلك الرسوم المفروضة على المرافقين إلى كابوس يلاحق العمالة السورية واليمنية في المملكة حتى الممات. كما أنّ قرار فرض الرسوم على المرافقين كان مجحفاً في حق السوريين واليمنيين الذين يعملون في المملكة من أجل إعالة عوائلهم وأقاربهم في اليمن وسورية، فقد أصبح من غير الممكن على العمال من الجنسيات السورية واليمنية الاستمرار في إرسال التحويلات المالية إلى ذويهم في اليمن وسورية بعد فرض تلك الرسوم، فهم في قلق وتخوُّف مستمرّ حول مصيرهم ومستقبل أسرهم لاسيَّما في ظل محدودية خيارات الهجرة إلى بلد آخر. خلاصة يمكن القول إنّ رؤية 2030 التي رسمت ملامح الاقتصاد السعودي لفترة ما بعد النفط جاءت مجحفة في حق العمالة الأجنبية الوافدة وأثبتت فشل المحاولات السابقة للحكومة في تطبيق نظام السعودة، والأدهى والأمرّ أنّ سياسة فرض الرسوم على المرافقين للعمالة الوافدة أدّت إلى مغادرة غير مسبوقة للعمال الأجانب من المملكة ولكن لم تؤدّ دورها الذي صُمِّمت في الأساس من أجله وهو توفير وظائف للسعوديين، ففي الوقت الذي تشهد فيه المملكة هروباً ونزيفاً حاداً في العمالة الأجنبية لم تشهد إلى الآن زيادة في معدل توظيف السعوديين.
كشفت احصائية سعودية رسمية اليوم الخميس عن أرقام صادمة لعدد الوفادين الذي غادروا المملكة خلال العام الماضي. وذكر صندوق تنمية الموارد البشرية "هدف" في تقرير له إن 1. 01 مليون وافد من القطاع الخاص غادروا السعودية خلال عام 2018، إضافة إلى خروج 69700 ألف من القوى العاملة السعودية في القطاع الخاص في ذات العام. وكشف التقرير أن إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص في نهاية العام 2018 بلغت 8. 59 مليون، من بينهم 1. 7 مليون من السعوديين والسعوديات، فيما يبلغ إجمالي عدد العاطلين عن العمل من السعوديين والسعوديات 0. 78 مليون "الذكور: 0. 35 مليون، والإناث: 0. 43 مليون". وكانت شركة "جدوى للاستثمار" السعودية ذكرت في تقرير صدر إبريل الماضي إن إجمالي عدد الأجانب الذين غادروا سوق العمل السعودية خلال العامين الماضيين بلغ 1. 6 مليون عامل، بعد الزيادة في رسوم مرافقي العمالة الأجنبية منذ يوليو (تموز) 2017. ووفق التقرير، شهدت جميع القطاعات الاقتصادية في السعودية تراجعاً في عدد العاملين الأجانب خلال العام 2018. لكن قطاع التشييد سجل العدد الأكبر من المغادرين، الذين قدر عددهم بحوالي 910 آلاف أجنبي، فيما سجل قطاع التجارة الذي يشمل أنشطة تجارة الجملة والتجزئة مغادرة 340 ألف عامل أجنبي.